تحرك وجرب، ثم تحرك وجرب، وثم تحرك وجرب

قد يكون هذا عنوانا سيئا، لكنني أحببت أن أؤكد على الكلمتين ثلاث مرات. صباحا خرجت لإنهاء بعض المهام الموكلة إلي، وفي طريق عودتي قلت سأستمع لأحد الحلقات من البودكاستات -إن صح التعبير- التي حمّلتها وتركتها في الجهاز.

اقرأ أيضا نصائحي لتجربة أفضل لسماع البودكاست من هنا.

وجدت حلقة من بودكاست سوالف حاتم فيه 19 دقيقة، فأطلت في الطريق ولم أختصره، لكي أصل للبيت وأنا قد أنهيت الحلقة. حاتم ذكر تجربته مع العمل الذي يقوم به حاليا، وكيف بدأت رحلته لكي يجد عملا دون أن يحصل على شهادة حتى.

كيف أنه بدأ بتعلم التصوير واحترفه وأصبح يقدم دورات ثم من التصوير إلى أن وجد شغفه في الإدارة فدخل هذا المجال أيضا، ثم بعدها أراد أن يلتقي بمؤسس منصة رواق ومشاريع عربية أخرى (جنة ومهارة..) والعاشق الجهاز كندل فؤاد الفرحان، بعد أن قرأ له مقال ما. وجد حاتم عند هذه الشخصية شيئا ما يريد أن يتعرف عليه.

والتقى به فعلا و”ما قصر معه فؤاد” -كما يقول السعوديون-، كان حديثه مفعما بالشفافية ونشر الخبرات والمعلومات التي يظنها المرء أسرارًا وأؤكد على كلمة أسرار، هل يمكن أن تضع ألف سطر عليها؟ شكرا.

وبعد لقاءه به وكذا، أصبح يتابعه عبر تويتر وأصبح يعرفه أكثر. وبعد مدة (سنة ونصف) كتب فؤاد عن مشروعه القادم، فراسله مرة أخرى حاتم أنه يبحث عن عمل مثير للاهتمام بعيدا عن الراتب عن كل شيء في هذا المشروع، فقط عمل يثير الاهتمام ويستطيع تعلم خبرات منه، وغدا قال له فؤاد: مبارك لك أنت في الفريق، وفعلا أصبح يعمل في أحد مشاريع فؤاد.

“كلمة السر، تحرك. فقط تحرك” – حاتم النجار

هذا ما يمكن اختصاره عن تجربة حاتم وتلك الـ 19 دقيقة، هذه الفكرة أطبقها بالفعل لأنني تلقيت هذه النصيحة من قبل من المترجم الممتن له يونس بن عمارة:

“نصيحتي البسيطة والجامعة: قم بالامر ثم احك عنه. سواء كان فشلا او نجاحا فهو مفيد لك. بم تقوم؟ بكل ما تريده لا يهم ما هو الشيء الذي تريد القيام به. وكما يروى عن انشتاين “ان المصدر الوحيد للمعرفة هو التجربة” فإن التعلم يكون بالخطأ والتجربة والتعلم منهما. هذا هو كل شيء.”

لماذا أكتب هذا الموضوع الآن؟ لأنني لا أريد أن أترك هذه النصيحة لدي، سماعي للبودكاست حفزني للكتابة عنها ونشرها للجميع، لا يوجد سر للنجاح ولا يوجد سر لأن تجد وظيفة. لا توجد وصفة تليق للجميع ولا توجد طريقة تناسب الأشخاص جميعهم.

فقط الوصفة هي: جرب، وتحرك، جلوسك فوق السرير تتصفح الفيسبوك أو تويتر وتقرأ تغريدة عن الشغف ثم تنظر لنفسك “لا أملك شغف” وتبدأ تفكر “لا أملك شغفا فعلا” وتغطي باللحاف وتدخل في موجة اكتئاب، ثم غدا تعود للحياة كأن شيئا لم يجري البارحة، وربما قد تمر على تلك التغريدة وتكمل تضييع وقتك أصلا دون أن تولي اهتماما بالشغف وهذا الموضوع.

الشغف لن تجده فوق السرير أو حتى بجانبه أو تحته بين الغبار. الشغف ستجده في ما تقوم به فوق السرير وخارج الغرفة التي يوجد فيها السرير، ماذا أقصد بفوق السرير؟ هاتفك أو حاسوبك الذي تستخدمه فوق سريرك -أو كما أفعل أنا- قد تجد فيه شغفك، جرب أمورا جديدة، جرب أن تصمم، جرب أن تقرأ، جرب أن تكتب، جرب أن ترسم، جرب فقط دون أن تتوقف.

الشغف ستجده عندما تجرب، عندما لا تكف عن التجربة، الحياة تجارب، تحرك وجرب وكما قال يونس لا تنس أن تحك ما وجدته خلال تجربتك تلك كما فعل حاتم في البودكاست بمشاركته قصته دون أي حدود أو تحفظ أو أي هراء، وكما فعل فؤاد مع حاتم نفسه، موضوع مشاركة الخبرات دون تحفظ وكذا موضوع آخر لكن يكفي أن أقول بوجوب مشاركة تجاربك مهما كانت بسيطة.

قد تنجح في تجربتك، وقد تفشل، وقد تنجح بعد فشلك، المهم لا تترك حياتك بدون تجربة، ولا تترك تجربتك عندك شاركها معنا ومع من يستحقها فعلا.

يجب أن توسع مفهومك عن التجربة، أي شيء يخطر على بالك جربه دون تردد، حاتم رأى في فؤاد شيئا ما فراسله، هل هناك ضرر في تجربة أن يراسله؟ لا. إذا أجاب فاللهم بارك وإذا لم يجب لن يجري شيء، المهم أنه جرب.

قد تسأل الآن: ماذا أجرب؟ فقط تأمل حولك، ماذا تفعله، ماذا تقرأه وماذا تشاهده، وأخرج مخك من جمجمته ووسع مفهوم التجربة فيه، باختصار جرب كل شيء.

هذا لا يعني أنني ناجح، وهذا لا يعني أن حاتم ناجح أو غيره ممن يجرب ناجح، هذا يعني أن هناك محاولات لعيش الحياة، للبحث عن شيء في هذا العالم. هناك محاولات للتجربة، أنا أجرب ولا زلت أجرب وسأواصل التجربة وما أريده منك فقط أن تجرب أيضا. فقط.

هذا الموضوع ملخص لما قاله حاتم، ونقل لنصيحة يونس، وما أريد قوله عن التجربة والخروج من منطقة الراحة الخاصة بك. شاركني رأيك حول الموضوع وتجربتك مهما كانت بسيطة في خانة التعليقات وسأكون سعيدا بقراءتها والرد عليها.

روابط مفيدة -تخيلوا أن هذه حاشية لكتاب ما-:

رابط حساب حاتم على تويتر من هنا. ورابط بودكاسته الأسبوعي مربع على يوتيوب من هنا.

رابط مدونة يونس بن عمارة من هنا. ورابط بودكاسته يونس توك على يوتيوب من هنا.

11 رأي حول “تحرك وجرب، ثم تحرك وجرب، وثم تحرك وجرب

  1. مرحباً بعودتك
    تحرك داخل مدونتك قليلاً وأبعد عنها الغبار المتراكم بسبب ابتعادك عنها 😂

    Liked by 4 people

  2. عندما كتبت هذه الجملة يا طارق : 😊

    «لا يوجد سر للنجاح ولا يوجد سر لأن تجد وظيفة. لا توجد وصفة تليق للجميع ولا توجد طريقة تناسب الأشخاص جميعهم»

    فكأنما هذه الجملة كانت محورًا للمقال، أو مقالًا بحد ذاتها، وأنت اختصرت عليّ قراءة قرابة ألفي صفحة من تلك الكتب الساذجة التي يقال عليها كتبٌ لتنمية الذاتِ وتطويرها.

    Liked by 3 people

  3. لما قرأت هذه التدوينة متأخرة!
    ولكن ليس وكأنني لم أعرف هذا الأمر مسبقاً.. ولكنه يبدو كتذكير لطيف لي.. احيانا تنشغل في خضم الحياة وتنسى بعض مبادئها..
    وهو التحرك المستمر والتقدم للأمام..وسينتهي بك الأمر حيث يجب أن تكون.. قد يستغرق بعض الوقت ولكن في النهاية حتما ستصل..

    Liked by 1 person

  4. شكرًا على التدوينة الثرية، سأعود لقراءتها كل فترة فهي حقًا ملهمة✨

    لا أعتقد أنني حاليًا أملك طموحًا معينًا أو أدعي أني وجدت الشغف، ولا مشكلة في ذلك عندي، فالمهم أن أجرب وأن أبذل ما في وسعي في كل تجربة يضعني الله بها، أن أعرف قدراتي والفرص المتاحة أمامي، والله ولي التوفيق 🙂

    شكرًا مجددًا طارق، لا تنقطع كثيرًا هنا..

    Liked by 1 person

  5. قرأت التدوينة في الصباح على عجالة ولكن أشغل بالي اليوم
    و أقرأها في المساء لشدة اعجابي للتدوينة ، التدوينة بسيطة ولكنها واقعية و يبعث على الأمل
    شكراً

    Liked by 1 person

  6. طَارق .. جُزيت خيرًا والله :’) يبدو أن الله أجرى هذا الكَلام على يديك رسالةً لي، كُل الشُكر
    قُم بالأمر ثُم احكِ عنه .. نعم لا تدعه عندك شاركه

    Liked by 1 person

أضف تعليق